من يقتل أطفالي المساكين!

من يقتل أطفالي المساكين!

لماذا هذه المؤسسة فقط هي أهم مؤسسات الدولة التي يجب أن يلتحق بها افراد المجتمع ؟ .
ماهو السر وراء هذه الأهمية ؟
وإن كانت هذه المؤسسة للتعليم فلماذا لا يخرج أفراد المجتمع متعلمون ؟
بدأ الأمر في التعليم الإلزامي أن تم استدعائه من النظام البروسي - المانيا- سابقا, وتطبيقه في الولايات المتحدة عام 1852 وكان في البداية بناء مدارس الزامية لغرض السيطرة على أفراد المجتمع كما تم في النظام البروسي وتقسيم المجتمع تقسيم طبقي:
الطبقة الأولى : هي النخبة المختارة
الطبقة الثانية : مجموع الخادمين للطبقة النخبة من أطباء ومهندسين..الخ
والطبقة الثالثة : هي التي ستدخل المدرسة هي الطبقة التي سيتم سلبها القدرة على التفكير النقدي وعدم توفير معلومات صحيحة للطلاب وتزييف التاريخ لإحداث قطيعة تاريخية وقام الأهالي بمواجهة هذا النظام التعليمي حتى فُرض عليهم غرامات وتم أخذ الأطفال من أهلهم إن لم يكونوا قادرين على اعالتهم للذهاب للمدرسة وتم أخذ الأطفال برفقة الحرس بالإجبار , ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد .
فقام المنظر التعليمي "ويليام سي باجلي " 1903 بالحث على ضرورة الحصول على طاعة بلاسؤال , أي طلاب طائعين لايجوز لهم أن يسألوا .
وقامت مجموعة من العلماء بدراسة السلوك البشري مثل "جون بي واتسون" 1920 الذي قال : إعطني طفلا وأنا أستطيع أن أصنع منه أي صورة للإنسان حسبما أريد .
وقال أيضا : أعطني اثني عشر طفلاً أصحاء، سليمي التكوين، وهيئ لي الظروف المناسبة لعالمي الخاص لتربيتهم وسأضمن لكم تدريب أيٍّ منهم، بعد اختياره بشكلٍ عشوائي، لأن يصبح أخصائيًا في أي مجالٍ ليصبح طبيبًا، أو محاميًا، أو رسامًا، أو تاجرًا أو حتى شحاذًا أو لصًا، بغض النظر عن مواهبه وميوله ونزعاته وقدراته وحرفته وعرق أجداده،
وقام بأبحاث كثيرة نتيجتها : أن القوة المحركة للمجتمع ليست الحب إنما "الخوف" .
الى أن أكمل بي اف سكينر أعماله وطبقها على الطلاب وكان للخوف جانب كبير من أبحاثه ودفع الطلاب الى التخلي عن مخيلتهم تماما وأن يصبحوا طائعين .
وكان يحث على الصراخ في وجه الطلاب وتخويفهم بالعصيّ وقرع الجرس بصوت عالي كنوع من المثيرات الشرطية والتأكيد على أهمية الدرجات والامتحانات التي من شأنها القضاء على حب التعلم أصلا والتركيز على أقصر الطرق في التعلم للوصول الى غاية المدرسة وهي تحصيل درجات عالية
وكان من الأبحاث التي قام بها معهد "يال" ما يعرف باسم
Frustration–aggression hypothesis
وهي فرضية تقوم على توصيل الفرد الى درجة احباط عالية جدا بسبب منعهم عن كل شئ جميل ومرغوب في حياتهم وتحول هذا الاحباط الى عدوانية شديدة تقوم على المنافسة ووطء وجوه الأخرين وهذا ماتم تطبيقه أيضا على الطلاب مما دفعهم للوصول الى الراحة أو الشهرة أو النجاح المطلوب الوصول اليه في المرحلة الدراسية بالمدرسة بأشد الطرق عدوانية وتدمير مشاعر باقي الطلاب وارهابهم , فهذا ما يجب أن يكونن عليه شكل المجتمع , بل هذا ما صار اليه المجتمع فعلا .
حتى يتحول أفراد المجتمع الى متنافسين فيما بينهم فيقوم النظام الرأسمالي باحتضانهم لأمه نظام اقتصادي يقوم على التنافس الشي يشبه الجنون فالذي يقضي على الطبيعة أولا يكتشف الموارد أولا وهكذا .
أما هؤلاء الطلاب لن يكونوا متنافسين على مكسب أو ثروة إنما فقط عبيد مسرورين بعبوديتهم فقد تم القضاء على قدرتهم على التفكير وربما لم يصل واحد منهم الى فكرة أصيلة منذ ولد !
وهذا ماذكره "الدس هاكسلي في كتابه
brave new world
أن المستقبل سيكون المجتمع فيه مجموعة من العبيد سعداء جدا بنظام عبوديتهم !
فتقوم الشركات - أنا شكلي طولت - بمعاملته بنظام نفسي يرجع ل "فريدريك وينسلو تايلور " الذي تنسب اليه ال
taylorism
والتايلورية 1911هي دراسة مهارة العمال الذين كانت لهم القوة في عالم الصناعة فتمت دراسة مهاراتهم وتسريحهم من العمل والبدء بعمال جدد مهمتهم هي تنفيذ بعض الجوانب المهارية كدليل حرفي فقط فلا يسمح لهم باضافة جديد أو ابتكار أو غيره وتصبح القوة في يد الإدارة لذلك علم الإدارة يُنسب ل"فريدريك وينسلو تايلور" .
فبالطبع المدرسة هي البيئة المناسبة لإخراج هذا الصنف الراقي من العبيد .
لكن ربما لانشعر بخطورة الأمر لأننا ولدنا في هذا النظام وهذا ماذكره "ويلز" في كتابه " المؤامرة المفتوحة " , وكما قال "ماكلوهان" : أخر شئ قد تلحظه السمكة - أو ربما الشئ الوحيد الذي لاتلحظه إطلاقا - أنها تعيش في الماء .
من يوقف في رأسي الطواحين
ومن ينزع من قلبي السكاكين
ومن يقتل أطفالي المساكين
لئلا يكبروا في الشقق المفروشة الحمراء خدّامين
لكيلا يصبحوا في الغد شحاذين
يستجدون أصحاب الدكاكين وأبواب المرابين
يبيعون لسيارات أصحاب الملايين الرياحين
وفي المترو يبيعون الدبابيس وياسين
وينسلون في الليل

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماهي السادومازوشية فلسفياً ونفسياً؟

" منتصف آيار " .. غسان كنفاني

متن الأربعين النووية