شخصية مصر - جمال حمدان
شخصية مصر
- “ فخلال
أكثر من خمسة آلاف سنة لم تحدث أو تنجح فى مصر ثورة شعبية حقيقية واحدة
بصفة محققة مؤكدة، مقابل بضع هبات أو فورات فطرية متواضعة أو فاشلة غالبا ،
مقابل عشرات بل مئات من الانقلابات العسكرية يمارسها الجند والعسكر دوريا
كأمر يومى تقريبا منذ الفرعونية وعبر المملوكية وحتى العصر الحديث ومصر
المعاصرة. وهكذا بقدر ما كانت مصر تقليديا ومن البداية الى النهاية شعبا
غير محارب جدا أو الى حد بعيد فى الخارج ، كانت مجتمعا مدنيا يحكمه العسكريون
كأمر عادى فى الداخل وبالتالى كانت وظيفة الجيش الحكم أكثر من الحرب
ووظيفة الشعب التبعية أكثر من الحكم ، وفى ظل هذا الوضع الشاذ المقلوب
كثيرا ما كان الحكم الغاصب يحل مشكلة الأخطار الخارجية والغزو بالحل
السياسى وأخطار الحكم الداخلية بالحل العسكرى، أى كان يمارس الحل السياسى
مع الأعداء والغزاة فى الخارج والحل العسكرى مع الشعب فى الداخل، فكانت
دولة الطغيان كقاعدة عامة إستسلامية أمام الغزاة بوليسية على الشعب”
- “ إن ما تحتاجه مصر أساسا إنما هو ثورة نفسية، بمعني ثورة علي نفسها أولا ، وعلي نفسيتها ثانيا ،أي تغيير جذري في العقلية والمثل وأيديولوجية الحياة قبل أي تغيير حقيقي في حياتها وكيانها ومصيرها ...ثورة في الشخصية المصرية وعلي الشخصية المصرية ...ذلك هو الشرط المسبق لتغيير شخصية مصر وكيان مصر ومستقبل مصر”
- “ولقد قيل بحق أن التاريخ ظل الانسان على الأرض بمثل ما أن الجغرافيا ظل الأرض على الزمان”
- “ومنذ عرفت مصر العواصم الموحدة والعاصمة فيها تحقق حجما هائلا بالنسبة لمجموع حجم الدولة وعلى حسابه - والمركزية تورث الحجم . ولقد كانت المعادلة الإقليمية في مصر تتألف تقليديا من رأس كاسح وجسم كسيح . وسواء كانت دائما تسود الحياة المصرية بصورة طاغية غير عادية . وقد لا نبالغ إذا قلنا ان تاريخ مصر ليس الا تاريخ العاصمة أو يكاد . والمتصفح لتاريخ الجبرتي مثلا ومن قبله السيوطي أو ابن اياس ، لا يمكن ان يخطئ هذا الإحساس”
- “إنها المركزية العارمة الطاغية بأمر التاريخ وبحكم الجغرافيا. وهكذا تظل المركزية ملمحا تاريخيا أساسيا في شخصية مصر”
- “والحقيقة اننا لا نعرف في اوقيانوغرافية العالم مائة ميل لها ما لقناة السويس من خطر ونتائج”
- “ولا شك أن القناة التي اختزلت كل موقع مصر الجغرافي والإستراتيجي أو جوهره في شريط مائي حتى أصبح مرادفا للقناة أو أوشك ، لا شك أنها جددت شباب موقعنا. لكنها أصبحت بوابة ذهبية تجاريا فالبقناة لم يعد موقع مصر أخطر موقع استراتيجي في العالم العربي وحده ، وانما في العالم القديم برمته على أرجح الظنون”
- “المأساة الحقيقية في ذلك أن مصر لا تأخذ في وجه هذه الأزمات الحل الجذري الراديكالي قط، و إنما الحل الوسط المعتدل، أى المهدئات و المسكنات المؤقتة، و النتيجة أن الأزمة تتفاقم و تتراكم أكثر، و لكن مرة أخرى تهرب مصر من الحل الجذري إلي حل وسط جديد، و هكذا.
- “بعبارة أخرى، مأساة مصر في هذه النظرية هى الاعتدال، فلا تنهار قط، و لا هي تثور أبداً، و لا هى تموت أبداً، و لا هى تعيش تماماً، إنما هى فى وجه الأزمات و الضربات المتلاحقة تظل فقط تنحدر و تتدهور ، تطفو و تتعثر ، دون حسم أو مواجهة حاسمة تقطع الموت بالحياة أو حتي الحياة بالموت، منزلقة أثناء هذا كله من القوة إلي الضعف و من الصحة إلي المرض و من الكيف إلي الكم و أخيراً من لاقمة إلي القاع.
- “غير أن النتيجة النهائية لهذا الانحسار المستمر المساوم أبداً و صفقات التراجع إلي ما لا نهاية هي أننا سنصل يوماً ما إلي نقطة الانكسار بعد الالتواء، و بدل المرونة سيحدث التصادم، و محل المهدئات ستحل الجراحةـ أي سنصل إلي نقطة اللاعودة إلي الحل الوسط، و عندئذ سيفرض الحل الجذري الراديكالي نفسه فرضاً، و لكن بعد أن يكون المستوي العام قد تدني إلي الحضيض، و الكيف قد تدهور إلي مجرد كم ، و المجد إلي محض تاريخ، و ذلك هو الثمن الفادح للاعتدال”
- “.. وكما يصور "بيتري" شعب مصر فيقول
" شعب مجد قوي، يعتريه الضعف كل بضع مئات من السنين - طبيعة الأشياء - فتتعرض بلاده للغزاه من الجنوب والغرب والشرق، فيتعرض هو لمؤثرات مختلفة، لكنه بالرغم منها ظل يحتفظ بطابعه وصفاته القومية وبشخصيته المتميزة بارزة المعالم”
- “نستطيع أن نعبر عن الموقف الجيوستراتيجي كله بإيجاز وتركيز فى سلسلة من المعادلات الاستراتيجية المحددة على النحو الآتى :
- من يسيطر على فلسطين يهدد خط دفاع سيناء الأول - من يسيطر على خط دفاع سيناء الأوسط يتحكم فى سيناء.
- من يسيطر على سيناء يتحكم فى خط دفاع مصر الأخير.
- من يسيطر على خط دفاع مصر الأخير يهدد الوادى.
-
تعليقات