لا ينصر الله الدراويش
كلما مرت الأمة بمحنة أوجد بعض ممن ينتسبون للتيار الإسلامي مبررات كثيرة مثل: يبدو أننا لم نعبد الله جيدًا وأننا مقصرون في عبادتنا، تُرى هل صلينا الفجر اليوم؟، ذنوبنا هي التي جعلتنا نُهزم على يد أعدائنا، نحن لسنا على استعداد للانتصار، النصر ليس حليفنا، ربما الأجيال القادمة هي التي ستحقق النصر وليس نحن فذنوبنا تمنعنا من ذلك، حالة من الدروشة تعم الكثير من أبناء التيار الإسلامي التي تدل على عدم إدراك لمفهوم الدين الصحيح ومفهوم النصر وحصر للدين فقط في العبادات حتى وإن لم يدركوا هذا.
الأمة اليوم مسلحة بالكامل من الغرب المتقدم – الكافر – ودوائها منه وأي رخاء يمكن أن تنعم به هو من الغرب لا من الشرق، والأمة في حالة ثبات عميق جسديًا لكن في حالة حراك لغوي فكري لا أكثر من هذا، ولو قسنا تقدم الغرب بالمفهوم الإسلامي المتدروش لقلنا أن الغرب أعبد منّا وأقرب إلى الله منّا وأننا لسنا على الدين الصحيح بل يجب أن نتدين كما يتدين الغرب ونفعل كما يفعل فيبدو أن الله وعدهم النصر وأن ديننا ما هو إلا مجموعة من الترهات. وحقيقة التقدم الغربي أدّى لا شك إلى إلحاد البعض وتلبيس المفاهيم عند البعض ووجود حالة من التدين الداخلي الروحي المنفصل عن العمل وعدم الفهم لكيفية النهضة الحقيقية أدى إلى أن نصل إلى ما نحن فيه اليوم لدرجة أن نرى أناسًا يقولون بأن إسرائيل متقدمة ولكن هم في النار ونحن في الجنة!
الله – جل شأنه – عندما خلق هذا الكون وضع ميزانًا عامًا يُحقق العدل بين المسلم والكافر على السواء ولا يخل بهذا الميزان شيئًا وجعل العمل والاجتهاد أساس بناء ونصر أية أمة دون النظر في دينها ومنهجها طالما كانت تأخذ بالأسباب المادية التي وضعها الله لتسيير أمور البشر وبالتالي ترى الغرب – الكافر – في قمة تطوره العلمي المادي لأنه جعل العلم والعمل دينه ومنهجه ونرى الشرق المسلم في أحلك لحظاته وأسوأ حالاته لأنه اكتفى بما يصدره الغرب له وتوقف عن العمل وتحول لكائن رمي يقتات على ما يتركه له الغرب ويكتفي فقط بالدعاء والصلاة والصيام والحلم بالنصر!
ولست هنا أقلل من أهمية الصلاة والصيام والأعمال الدينية المفروضة علينا بل أنبه لضرورة أن يكون مصاحبًا لهم العمل والعلم حتى تستحق الأمة الإسلامية مرة أخرى أن تتصدر المشهد، فلو لم يكن سلاحك ودواؤك وغذاؤك منك فستظل تابعًا لأي كيان يفرض هيمنته بقدرته العلمية المادية وقدرته المسلحة وستكون تابعًا له ماديًا ونفسيًا، ولذلك أتعجب في أن يتصدر المشهد دائمًا في وسائل الإعلام وفي خطاب الجمعة فضل الصيام والزكاة والسماحة والبر والإخاء فقط – على أهميتهم – ويغفل الإعلام والشيوخ أو يتغافلون عن الإعداد والعمل والعلم والتقدم، كما لو كان يُراد بهذه الأمة أن تظل عالة على الشعوب لا مساعدًا لها.
ولا يمكن عدم ذكر دور الحكومات الحالية في تغييب ثقافة العمل والعلم عن العامة، فهم يريدون حتى يستقر لهم الأمر ويستمروا في الحكم سنين عددًا مسلمًا – كيوت – لا يعرف غير العبادات والاحتفالات الدينية اللطيفة ويعيش على ما يستورده له رؤوس الأموال من الغرب ولا يعلم عن حقوقه كمواطن ولا دوره في المجتمع ولا واجبه نحو العالم المنطلق من عقيدته الإسلامية وبالتالي تتحقق المعادلة المرادة:
هذا المقال لايعبر سوى عن رأي كاتبه كما أنه لا يعبر بالضرورة عن مقالات مختارة
تعليقات