الطريق إلى داعش (3-5)
شمس محمود
قد يكون محمد داوود أراد الصعود للنهضة ببلاده وأنه رأى في نفسه القادر على إحداث الفارق وأن خطى من قبله عاجزة. أو قد يكون الرجل ما أراد إلا السلطة والتسلط وأن يملك وحده موارد البلاد وإدارتها وتبقى الشواهد والأحداث والمنصفين من شهود العيان هم من يحدثوا الفارق الحقيقي في الحكم والتوصيف.
وإننى أرى أن الانقلابات العسكرية فكرة مرفوضة وأنها أولى الفرص نحو الحكم الشمولي سواء كانت الانقلابات إسلامية أو شيوعية أو غير ذلك من الأيدلوجيات والأفكار.
لأن الأصل في التغيير هو ثورة الشعوب وليس التغيير الهرمي للإطاحة برئيس ما بالسلاح الميري الذي طالما سقي بماء الظلم والتبعية!!!
وإن التغيير ليس فقط الإطاحة بالنظام بل الطريقة التي ستدار بها البلاد بعد الإطاحة بالنظام وأن يكون الشعب في غالبيته الكبرى مؤمن بهذه الطريقة وأن تكون القيادات الثورية مؤمنة بهذه الطريقة أو متوحدين على فكرة عامة بخريطة مؤسس لها جيدًا.
لان خلاف ذلك سيكون التناحر بين القوى الثوريه ان ظلت ثورية اصلا وان قتال كلا منها سيكون لحساب الايدلوجية التى ينتمى اليها ضد الاخر الثورى وليس ل حساب الحق الموحد للجميع وهو الاطاحة بالفساد وتأسيس دولة العدل والحرية. وسيغلب على قيادات هذه القوى التحالفات القذرة حتى مع من قتلهم واذلهم بالامس الذى لتوه سقط للاطاحة بالفريق الاخر حتى ولو كان من نفس الايدلوجية أو من نفس الدين والعقيدة.
وأن تكون كذلك القيادات الثورية خاضعة للمراقبة والمحاسبة وليست قيادات فوقية تصدر الأوامر فيطيع الأنصار فهذه كارثة لأنهم أيضا بهذه الطريقة سيصبحوا الرجل الصنم الذي كان ينتظر فقط الفرصة حتى تنحت له التماثيل.
وأن من يأتى بالانقلاب حتى لو كان حسن النية فإنه أتى بالقوة فيريد الرجل فرض كلامه بالقوة وتحسين البلاد بالقوة وإسكات المعارضين بالقوة حلفاء كانوا أم فرقاء ويريد الرجل إدارة كل البلاد بالقوة فتكون الكوارث والمظالم وينشأ الرجل الصنم.
والناس (عامة الشعب) عادة تؤيد من خلصها من الخطر المنتظر أو المتوقع لكنها في الغالب لا تحسب الحسابات ما بعد التغيير أو التخلص من هذه الأنظمة الفاسدة بحق أو الخاضعة لغير الله ثم لإرادة الشعوب.
كمن شب في بيته حريق فأتاه رجل الإطفاء فضخ الماء القوي إلى مصدر الحريق في البيت الضعيف فأخمد النار تمامًا لكنه أيضًا أتى على البيت من عند آخره فنجى البيت من هلاك النار وهدم البيت ماء الإنقاذ!!!
أو كمن أراد التخلص من الفئران في البلدة بكثرة عدد القطط فلما انتهت القطط من الفئران اعتدت على بيوت الناس طلبا للطعام فحاولوا تغيير الحسابات فكثروا عدد الكلاب فلما طردت القطط زاد الطين بلة فطلبوا فيلا تطارد الكلاب فكانت المصيبة الكبرى لأن المشكلة لم تحل يوما بطريق صحيح.
وإن تأييد الانقلاب دوليا أو رفضه ليس قائما على مبادئ دولية أو معايير بل قائم على المصالح للدول الكبرى وما مجلس الأمم المتحدة إلا مكان طبقي بحت يجمع بين الدول الغنية المالكة للقرار الدولي. والدول الفقيرة المنتظرة للقرار الدولي أو إن شئت قل بين الدول السارقة والدول المسروقة وبينهما سماسرة يسمون بالأنظمة الحاكمة.
وأن المحرم على الروس مباح لأمريكا وأن المرفوض من داعش مقبول من الروس والأمريكان والصينيين وحلفائهم.
وأن الدكتاتوريات صناعة أمريكية روسية برعاية أممية بامتياز.
وانظر كم قرارًا اتخذ بشأن فلسطين أو غيرها من الدول الضعيفة وكم قرارًا نفذ وكم من أمور هناك فرضت بالقوة والأمر الواقع. أو انظر من كان يعرقل قرارت الأمم المتحدة بشأن سوريا وأنه حتى صيغ البيان كانت تتم بالتوافق بين الدول الكبرى وليس كما المطلوب في مثل هذه الأهوال والسرقات والدماء السيالة.
وانظر كم مجزرة ارتكبت في الشرق الاوسط (مصر وسوريا نموذجًا) ولم يتحرك من أجلها المجتمع الدولي الذي يشاهد كل يوم أطفالًا ونساءً يمزقون وتنتهك كل حقوقهم ويذلون ويعذبون ليل نهار من أنظمة قمعية بل فقط هدد الديكتاتور المدعوم من روسيا مرة بشأن الكيماوي ولما سلمهم النظام الممانع الكيماوي هدأ التهديد الدولي!!!
لأن المجتمع الأممي رضي بأن يموت الناس بالبراميل المتفجرة والتعذيب في الأقبية لكنه أبى أن يموت الناس بالسلاح الكيماوي فيا للعجب. وأن المجتمع الدولى والأمم المتحدة تقبل بانتهاكات حقوق الانسان بيد الدول الكبرى وترفضه من الجماعات المتطرفة. وأن الناظر يدرك مثلا أن الفرق بين داعش وأمريكا وروسيا والصين أن داعش وأخواتها يقتلون المئات من الأبرياء ذبحًا أو نسفا وتعتقل وتعذب بالشبهة باسم الإسلام.
أما الاخرون فيقتلون الملايين الأبرياء بالقنابل الذكية ومدافع الهون وقوات مكافحة الشغب وتعتقل وتعذب بالشبهة باسم الديموقراطية أو التحررية أو حقوق العمال وتوحيد الشعب (الشيشان – تركستان الشرقية – العراق – افغانستان) وغيرها.
وأنه في الأمم المتحدة والحراك الدولي أينما كانت مصالح الدول الكبرى فثم شرع الفيتو والسلاح. وأن الدمى كثيرة وصاحب الدمى يمل وأن راقصات التعري يجب أن تشلح أكثر حتى تعجب زبائن الماخور لانها تدفع المال من أجل عرض يليق بالمبلغ.
وكسائر الانقلابيين أخذ الشيوعيون المدبرون الحقيقيون للانقلاب محمد داوود مطية. حاول داوود الخروج على التبعية الكامله للروس التي تلغي صفة رئيس بالنسبة له في نظر نفسه وهو بن الأسرة الحاكمة التي انقلب عليها طلبا للحكم. طرق داوود كل الأبواب وحاول داوود اللعب مع الجميع ونسي أن ارضاء كل واحد من الفرق صاحبة النفوذ الحقيقي يجب أن يتبعة طاعة كامله غير منقوصة.
خنق الحركات الإسلامية وضيّق عليها بشدة مغازلا الشيوعيين والقصد السوفيت، وفي نفس الوقت زار العديد من الدول الإسلامية في سبيل إظهار حسن النية للمسلمين في بلاده وخارجها فزار باكستان والسعودية وليبيا واعتقل بعض الشيوعيين في محاولة منه لخلق حالة من التوازن تضمن له ترسيخ عرشه وأخذ في وضع سياسة جديدة تقوم على التخلص من غلاة الشيوعيين الذين لا يرون إلا التبعية الكاملة للسوفيت في إدارة شؤون البلاد.
أقال داوود فايز أحمد وزير الداخلية وعين عبد القادر النورستاني بدلا منه وأقال وزير الاتصالات عبد الحميد موهانات وعين بدلا منه عبد الكريم الطائر وعزيز الله واصف وزيرا للزراعة بدلا من جلياني بختيار ثم عين هؤلاء الوزراء سفراء في الخارج.
وشعر الشيوعيون بما يدبر لهم محمد داود فأخذوا حذرهم واتبعوا سياسة الاغتيالات ليتسببوا في حالة من الفوضى والاضطرابات الداخلية وليوهموا الداخل والخارج بأن الحكم بقيادة محمد داود لا يستطيع أن يسيطر على أمور البلاد، وأن هذه الفوضى تتطلب تدخلًا سوفيتيا صاحب النفوذ القوي لدعم اتباعه
لا والله ما حكم عسكر…..
في يناير عام 1977 انعقدت اللويا جرغاه وهم القبليين المعيين من قبل حكام الأقاليم والتي تعرف باسم اللويا جرغاه وتقر دستور للبلاد يتيح تشكيل حكومة رئاسية وإقامة الحزب الواحد وتم التجديد للرئيس داوود مدة ست سنوات أخرى ثم حلت هذه اللجنة وفي مارس عام 1977 شكل الرئيس محمد داوود حكومة مدنية أعلنت نهاية الحكم العسكري وكان هذا مجرد إعلان.
أبريل 1978 يعقد محمد داوود اجتماعا لمجلس الوزراء لتدارك الأزمة التي خلقها لها رفقاء الأمس الشيوعيون.
وكان هذا بعد ما اغتيل اليساري البارز مير أكبر خيبر في 19 أبريل 1978، وتوجهت أصابع الاتهام إلى حكومة محمد داوود خان وأضحى اغتياله نقطة تجمع للشيوعيين الأفغان بجناحيهما خلق وبرجام.
القتل بنيران صديقة !!!
سارع محمد داود وألقى القبض على نور تراقي وبابرك كارمل وأودعهم السجن و اما حفيظ الله أمين فكان قيد الاقامة الجبرية في منزله وكان تركيز داوود في السابق منصب بشكل كبير ومركز على الحراك الإسلامي فهو الذي أعدم البروفيسور غلام محمد نيازي واعتقل عددًا كبيرًا من قيادات التيار الإسلامي منهم عبد رب الرسول سياف وأعدم عددًا كبيرًا منهم وفر عدد آخر مثل برهان الدين رباني وقلب الدين حكمتيار واحمد شاه مسعود ، ولكن قبل أن يتابع ضرباته حدث الانقلاب.
وفي 27 أبريل 1978 وقع الانقلاب، بأوامر من حفيظ الله أمين من معتقله المنزلي وعرفت هذه الحركة في أفغانستان بثورة ساور (أي ثورة نيسان) بقيادة العميد عبد القادر وهو نفسه الذي قاد الانقلاب على ظاهر شاه لصالح محمد داود ثم ها هو يقود الانقلاب على محمد داود لصالح نور تراقي وهم الذين اكلوا على مائدة داوود وناموا فتمت السيطره على القصر في فجر يوم 28 ابريل.
لم يبق من حرس داوود البالغ عددهم 2000 إلا القليل بعد مقاومة داوود الانقلاب، وجيء بمحمد داود وقتل أمامه أبناؤه الـ 29، ثم أجهز عليه هو وباقي أفراد أسرته.
عقد الانقلابات ( الجزائر – العراق – سوريا – السودان …)
وفي الـ 30 من أبريل يصدر مرسوم بتعيين نور محمد تراقي رئيسا للمجلس الثوري ورئيسا للوزراء وبابراك كارمل نائبا له وحفيظ الله امين نائبا ثانيا ووزيرا للخارجية. في الأشهر التالية للانقلاب، بدأ تراقي وباقي زعماء الحزب سياسات ماركسية متطرفة استفزت قيم الأفغان الاسلامية.
قتل المئات من أبناء الحركة الإسلامية ضيق بشدة على الحراك الإسلامي، اعتقل الآلاف منهم فالحركة الشيوعية لا تريد أية مقاومة للفكر الماركسي ونظام الحكم ولكن الشيوعين انفسهم منقسمين وكلا منهم يرى السلطه من حقه ونصيبه.
يحاول نور محمد تراقي إبعاد أنصار حزب برجام فعين زعمائهم سفراء ثم أعقب ذلك ادعاء تراقي أن وزير دفاعه (من حزب برجم ) حاول الاستيلاء على الحكم عبر تشكيله تنظيما سريا.
ولكن زعماء الشيوعيه في البلاد يقدمون أوراق الاعتماد و مؤهلات القبول لدى السوفيت كل يطمع أن يحوز على الرضا السامي الذي سوف يأتي به حاكما لبلاد الأفغان المسلمة التي يراد أن تفرض فيها الشيوعية فرضا وقهرا والسيد المالك هو من يحدد من الأكثر ولاءً فيصعد وليقتل أو يزال الرجل الأقل ولاءً بين المتقدمين.
تخرج المقاومة الشعبية وفي طليعتها المقاومة ذات الصبغة الإسلامية فالشعب علم أن المخطط يستهدف دينهم وعقيدتهم في المقام الأول فلا سيطرة لفكر قبل إنهاء الفكر الآخر.
والشيوعية دائما طريقتها في إنهاء الأفكار المضادة هي الدموية والتعذيب والقهر شأنها شأن الرأسمالية الغربية التي أظهرت وما زالت تظهر وجهها القبيح عن طريق الصواريخ الذكية وآلاف الجنود والمدرعات ودعم الديكتاتوريات الموالية للغرب والدعم السافر للدولة الصهيونية على ارض فلسطين المحتلة وإنشاء كامبات الاعتقال الرهيبة وإن لم يستطع فبالتعاون مع الديكتاتورية التي ينقد الغرب أفعالها بالشعوب وإهانة كل مقدس ودعم كل من يوفر لها المال.
والإدانه أو قبول موقف ما لديها معتمد على:
مدى موالاة الأنظمة التي ارتكبت وترتكب جرمًا ما لا يختلف عليه أحد أنه جرم يستحق العقاب من عدمه. وأنها في سبيل التلاعب بالسوق العالمي لا مانع لديها من إجاعة ملايين البشر وإفقارهم واستعبادهم واستغلال حاجتهم حتى أنها من الممكن أن ترمى أطنان من الجبن والقمح في المحيط حتى يستقر السعر في السوق ولم لا فإله الرأسمالية هو المال؟
الطريق إلي داعش (1-5)
الطريق إلي داعش (2-5)
الطريق إلي داعش (4-5)
الطريق إلي داعش (5-5)
تعليقات