أوزيماندياس للشاعر شيلي
لقيت رحالة قادما من بلاد عتيقة
قال لي: ثمة ساقان حجريتان عملاقتان لا جذع فوقهما
تنتصبان في الصحراء، وقربهما وجه مهشم
نصفه غارق في الرمال
تدل نظرته والتواء شفته وتعبير السيطرة الباردة البادية عليه؛
أن النحات أجاد إدراك كنه تلك المشاعر
التي ما تزال باقية، مطبوعة على هذا الجماد،
بعد اليد التي سخرت منها والقلب الذي رعاها
وعلى القاعدة تظهر هذه الكلمات:
"اسمي أوزيماندياس، ملك الملوك: انظر إلى منجزاتي، أيها الجبار، وابتئس!"
ولا شيء باق بجانبه.
وحول خراب ذاك الحطام الهائل، عارية وبلا حدود،
تمتد الرمال المنعزلة والمستوية على مد البصر.
تعليقات
(أوزيماندياس) هو إسم آخر لـ (رمسيس العظيم - رمسيس الثاني)، الفرعون من السلالة التاسعة عشرة في مصر القديمة. ويمثل إسم (أوزيماندياس) ترجمة صوتية إلى اللغة الإغريقية لجزء من إسم عرش (رمسيس)، وهو أوزر-مات-ري سيتيب-إن-ري User-maat-re Setep-en-re. وتعيد السونيتتان صياغة الكتابة المحفورة على قاعدة التمثال والتي ترجمها (ديدوروس سيكولوس) كما يأتي: "ملك الملوك أنا، أوزيماندياس. إن شاء أي إمرئ معرفة مقدار عظمتي ومكان رقادي، فليحاول التفوق على أحد منجزاتي." ويقال غالباً أن الإلهام قد جاء (شيلي) لكتابة قصيدته من خلال وصول تمثال هائل لـ (رمسيس الثاني) إلى لندن والذي اقتناه المغامر الإيطالي (جيوفاني بيلتسوني) للمتحف البريطاني عام 1816. ومن ناحية أخرى، يشير (رودنبيك) و(تشيني) إلى أنه تمت كتابة القصيدة ونشرها قبل وصول التمثال إلى بريطانيا، وهذا يعني أنه من غير الممكن أن يكون (شيلي) قد رآه. غير أن سمعته في أوربا الغربية قد سبقت وصوله الفعلي إلى بريطانيا (على سبيل المثال، كان نابليون قد قام بمحاولة فاشلة للحصول عليه وأخذه إلى فرنسا). وهكذا، فربما كانت سمعة التمثال أو أنباء وصوله الوشيك، وليست رؤيته بذاته، هي مصدر الإلهام.
يبدو أن (شيلي) كتب هذه السونيتة في منافسة مع صديقه (هوراس سميث)، حيث نشر (سميث) سونيتته بعد شهر واحد من نشر قصيدة (شيلي) في المجلة ذاتها وفي العام ذاته، عام 1818. وهي تتناول الموضوع ذاته وتحكي القصة ذاتها وتقدم الدرس الأخلاقي ذاته. وقد نـُشرت أولاً تحت ذات عنوان قصيدة (شيلي)، أي "أوزيماندياس"، ولكن في المجموعات اللاحقة قام (سميث) بتغيير عنوانها إلى "حول ساق مذهلة من الجرانيت أكتـُشِفت منتصبة لوحدها في صحارى مصر مع كتابة أسفلها".
أوزيماندياس
بيرسي بيسشي شيلي (1792 - 1822)
لقيتُ رَحّالة قادماً من بـِلادٍ عَـتيقة
قالَ لي: ثـَمَّة ساقان حَجَريَّـتان عِملاقتان لا جـِذعَ فـَوْقـَهُما
تنتصبان في الصحراء. وقـُرْبَهُما وَجْهٌ مُهَشـَّم،
نِصْـفـُهُ غارقٌ في الرمال، تـَدُلُّ نـَظرَتـُه
والتِواءُ شـَفـَتِه وتـَعْبيرُ السَّيطرةِ الباردة البادية عليه
أنَّ النـَحّاتَ أجادَ إدراكَ كـُنـْه تلكَ المشاعر
التي ما تزالُ باقية، مطبوعة على هذا الجَماد،
اليَدُ التي سَخِرَتْ منها والقلبُ الذي رعاها.
وعلى القاعدة تـَظهرُ هذه الكلمات:
"إسمي أوزيماندياس، مَلِكُ المُلوك:
أنظرْ إلى مُـنجزاتي، أيها الجبار، وإبتئِسْ!"
ولا شيءَ باق بجانبه. وحَوْلَ خـَراب
ذاكَ الحُطام الهائل، عارية وبلا حدود،
تمتدُّ الرمالُ المنعزلة والمستوية على مَدِّ البَصَر.