حلم تكوين شركة برمجيات خاصة – بقلم دنيال ريد
الكل يحلم بتكوين شركة برامجه الخاصة، والكثير حاول وفشل والقليل حاول ونجح. المشكلة هي أن اغلب المطورون يعتقدون أنهم فعلاً قادرين على إدارة وبناء شركات برمجيات خاصة بهم لما يملكونه من الخبرة العالية في مجالهم. ولكن الحقيقة غير ذلك، فإنشاء شركات البرمجيات الخاصة لا تتطلب خبرة تقنية بقدر ما تتطلبه من خبرة إدارية. في المقال التالي سأعرض لك بعض النصائح والناتجة من تجربتي الشخصية إن كنت تنوي البدء في شركة برمجيات خاصة بك .
احد القراء من الدول العربية أرسل لي رسالة موضحا بها السؤال التالي:
“أنا على وشك فتح شركة برمجيات خاصة، ماذا لديك لتخبرني به حتى أضعه في عين الاعتبار ؟”
سؤال بسيط وكامل، ولكن لدي إجابة طويلة لن تعلم عنها، لذلك قررت صياغة إجابتي – لما تستحقه – إلى مقالة.
معظم الأشخاص الذين يعملون كموظفين أو متعاقدين لأشخاص آخرين يفكرون في البدء بإعمالهم الخاصة ، ولكن ليس كلهم متعصبين أو شدوا العزم لعمل ذلك . أنا مثلا – وفي هذه المرحلة من حياتي – مستمتع جدا بالحرية التي امتكلها من جراء العمل لأشخاص آخرين . اذهب إلى العمل وأقدم ما في وسعي لإيصال ما يطلبه مني رئيسي وادعم باقي أفراد فريق العمل ، وبعد ذلك أعود إلى المنزل . العمل يبقى في مكان العمل ، ولكن حلم “الاستقلال المطلق” ما زال يراودني ، وأنا متأكد أن يوما من الأيام قد احقق الحلم . عندما احقق ذلك الحلم ، أتمنى أن أضع نصيحتي – هذه – في عين الاعتبار أيضا ، وما تعلمته من دروس من تجربتي الشخصية التي قضيتها مع أشخاص تعلمت منهم وراقبتهم في طريقة إدارة شركات البرمجيات الخاصة بهم.
في النقاط التالية سأحاول تلخيص الكثير مما تعلمته من العمل مع أصدقائي ومرشدين كبار – كالسيد براين سويدك الذي يمتلك شركة برمجيات لسنوات عديدة . كثير مما تعلمته من دروس حصلت عليها أيضا من خبرتي كمتعاقد مع شركات صغيرة وكبيرة. اعتقد أن النقاط التالية تفيدك سواء كنت تعمل لغيرك أو لنفسك ، ولكن معظم هذه النقاط موجه للمطورين الذين يخططون لعمل شركات برامج خاصة بهم:-
1- قل الحقيقة دائما. لا تكذب على عملائك، لا تكذب على موظفيك، لا تكذب على المتعاقدين معك، لا تكذب على
مزوديك ، والاهم من ذلك لا تكذب على نفسك . إن لم تكن عندك المصداقية والنزاهة ، فانك لا تملك شيئا.
– 2 قدم كل ما تستطيع لإدارة التوقعات. سوء الفهم بينك وبين عملائك يؤدي إلى ضياع الكثير من الوقت والجهد عليك،
لا تعتقد دائما انك استوعبت متطلبات عملائك بالشكل الكامل ، فأصعب المشاكل التي ستواجهها هو القدرة
على فهم والاستيعاب المطلق لمتطلبات العملاء .
3- اجعل للجودة أسبقية أعلى من كل شيء آخر عندك ، ولكن ضع في عين الاعتبار أن الجودة متفاوتة من حالة إلى
أخرى ومن شخص إلى آخر. عليك أولا معرفة ماذا تعني الجودة عندك. قد يكون مقياسك الخاص للجودة مبني
على وضوح شفراتك المصدرية، أو مقدار وكمية المستندات المرفقة ، أو الكفاءة العالية للنظام المنتج، أو أسلوب
التصميم لقاعدة البيانات … الخ.
مع ذلك، عليك أن تضع في عين اعتبارك دائما ماذا تعني الجودة عند الآخرين (كعملائك، المستثمرون معك، موظفيك وغيرهم). عليك موازنة الجودة بالنسبة لك والجودة بالنسبة للغير. في بعض الأحيان، عليك الاستعانة بلمساتك الفنية والخاصة بتعريف الجودة فأنت محترف في هذه المهنة، وفي أحيان أخرى عليك السمع والطاعة لما تعني الجودة للغير فهي متطلباتهم الخاصة.
4 – ركز على عملائك – فهم كالدم الذي يحتاجه جسمك – ولكن عليك معرفة أن لكل شيء حدود معينة ، فلا تدع
عملائك يمصون دماءك ! عملائك يحاولون دوما التحكم في أعمالك وفرض قوانينهم عليك، فلا تستجيب لذلك.
( لا تصغي لكل الطلبات التي لا تقتنع بها ) من عملائك حتى لا يفرضوا عليك طلبات أخرى لست مقتنع بها. إن اعتقدت أن إحدى الصفقات من عملائك تسبب لك إزعاج لاختلاف وجهات النظر ، أنصحك بإلغاء الصفقة من بدايتها . وحاول أن لا تظهر حاجتك الماسة لعملائك حتى لا يستغلونك في مطالب أكثر. حاول عمل كل ما تستطيع لإثبات انك لا تعتمد في عملك على أي عميل أو زبون قد يسبب لك الخسائر إن لم تتم معه احد الصفقات. (قد يصعب عليك عمل ذلك خصوصا في بداية الطريق ) .
ضع حدود واضحة بينك وبين عملائك والتزم بها. إن بدأت بالتنازل عن الكثير وإعطاء الغير الكثير مما هو مجاني، ستضع توقعا كبيرا للمجانية عند الغير . وضح كل النقاط على ورقة الاتفاق بينك وبين العميل ودعه يوقع عليها. خذ نسبة من قيمة الصفقة كمقدم لك ، وحاول أن تنجز مشاريعك على مراحل بأخذ أجرك المناسب للمرحلة التي أنجزتها . سعر نفسك بما تراه مناسبا لقدراتك ومهاراتك وإلا فان العميل لن يقدرك كثيرا وسيحاول استغلال المزايا التي عندك دون المقابل الكافي . – لا اقصد في كلامي الإساءة بنظرة سلبية إلى العملاء – ، ولكن إن جعلت العملاء يديرون أعمالك قد يكسروا ظهرك.
– 5 صاحب وتعرف على عملائك ، وحاول تطوير علاقة شخصية معهم ، حاول التعرف على ميولهم ، الأشياء التي تعجبهم
والأشياء التي لا يودون رؤيتها وغيرها من الأمور الاجتماعية، اثبت نفسك لهم احد الأيام وقدم لهم خدمة لم يطلبونها منك. إن كونت علاقة مع احد عملائك الكبار ، حاول التقرب إليه أكثر وأكثر ، اقرأ الكتب التي عنده واخبره بأنك مهتم بأمره وميوله ، إن قرأت مقالة في مجلة أو على الانترنت وتعتقد انه قد يهتم بها، حاول إرسالها له دون تردد. كن مبتسما دائما لعملائك وحاول تقديم الخدمة لهم ومساعدتهم أو – على الأقل – إرشادهم للطرق الصحيحة لإنجاز أمورهم إن كنت تعتقد انك لن تستطيع إنجازها بنفسك.
– 6 اعمل كل ما قلت انك ستفعله، فمن أكثر الأخطاء التي ترتكب عدم إيفاء الوعود بين المطورين وعملائهم. فلا توعد
عملائك بأشياء ليس باستطاعتك إنجازها أو – على الأقل- تقديمها كما يريدون في الوقت المحدد.
– 7 كما نقول هنا بالولايات المتحدة “احمي ظهرك من كل شيء غير متوقع”، حدد نشاطاتك اليومية بوضوح: ما الذي تعمل من
اجله حاليا؟، ولمن؟ ولمتى؟. وهذا في غاية الأهمية خصوصا لو كنت تؤجر بالساعة. أيضا، لو كنت تطور برنامج يستخدم قاعدة بيانات، إرفق دائما وقت وتاريخ تنفيذ العملية على السجلات سواء كانت حذف، تعديل، أو إضافة ولا تنسى إرفاق رقم أو اسم المستخدم الذي أنجز هذه العملية. ونصيحة، لا تحذف السجل نهائيا من قاعدة البيانات، وإنما ضعه في مكان خاص للسجلات المحذوفة.
– 8سجل كل متطلبات عملائك بوضوح كامل ، اكتب النقاط الهامة التي درت في محادثاتك مع عملائك سواء على الهاتف أو
مقابلات شكلية. احفظ واطبع رسائل البريد الالكتروني وأوراق الفاكس المتبادلة بينكم وضعها جميع في ملف يحمل اسم المشروع.
– 9 انتبه من العملاء الذين قد يطالبونك بالتخطيط والتحليل لمشاريع وهم في الحقيقة لا ينوون التعامل معك لبناء البرامج. هذا
النوع من الأعمال قد يكون موجه إلى قطاع شركات الاستشارة . ولكن هناك حد واضح اختصره لك في جملة واحدة: إذا كان التحليل والتخطيط يتطلب منك جهد تنجزه في عدة أيام فهذه بداية المشروع ومن حقك مطالبة عميلك بالأجر وإلا فأنصحك بإلغاء المشروع.
– 10 عندما يطلب عميل بناء برنامج جديد ، لا تبني البرنامج بطريقة خاصة به ، أي حاول قدر الإمكان أن يكون برنامجك قابل
لإعادة الاستخدام Reusable ، بحيث يمكنك استخدامه في صفقة أخرى. فمثلا، صديقي براين لديه شركة يوجد بها قسم خاص لتطوير المواقع، عندما بدءوا في تطوير أول موقع لهم لم يقوموا ببناء الموقع مباشرة، وإنما قاموا بتطوير محرك أو أداة تستخدم في بناء المواقع ، وبذلك تمكنوا من استخدام هذه الأداة عشرات المرات لتسهيل عملية بناء مواقع أخرى عليهم.
11 – حاول تثقيف نفسك في متطلبات الشركات والمؤسسات، فلا تحصر علمك في كتابة الأكواد ، بناء الشبكات ، والمسائل
التقنية الأخرى حتى لا تجد صعوبة في إيجاد حلول لعملائك . فمثلا ، لو طلب منك إنشاء برنامج محاسبة من الجيد جدا أن تكون لديك خلفيات محاسبية كالفرق بين أرصدة المدين والدائن .
– 12 أهم نصيحة أريد توضيحها لك في هذه الفقرة ، صحيح انك تعشق كتابة وبناء البرامج وتجيد التحليل والتصميم وتملك
مهارات عالية في كتابة الأكواد ولديك الكثير من الكفاءة في تطوير برامج الكمبيوتر ، مع ذلك ، لا تعتقد مع كل هذا انك تستطيع فعلا البدء في تكوين شركة برامج خاصة ، فهناك الكثير الذي قد تجهله كإدارة موظفيك ومالية الشركة، العوامل البشرية، توزيع المهام، خدمات الدعم الفني، المستندات، التسويق ، حساب التكلفة … وغيرها الكثير . أي لا تعتقد أن عملك سيقتصر على تطوير البرامج ، فعليك معرفة أن 50% من أوقاتك ستكون لإدارة الشركة. إن كنت تعتقد انك لا تملك الكفاءة الإدارية العالية وخبرتك محصورة في المسائل التقنية ، فأنصحك بعدم البدء بإنشاء شركتك الخاصة، فان أمثالك يناسبهم جدا التعاقد مع شركات أخرى ( أي أن تكون مبرمج مستأجر ) وهذا بحد ذاته سيعود لك بفائدة مادية ومعنوية كبيرة جدا ويقلل من حمل المسؤولية عليك.
خاتمة المقال
هذا كل ما أستطيع قوله الآن ، الناس الذي يعرفونني شخصيا يعلمون أني لا اقصر أبدا في النصح ، وأنا متأكد بان الذي سألني حصل على إجابة أكثر مما هي متوقعة . قد يغطي الجانب السلبي على معظم النقاط التي ذكرتها في هذا المقال ، والمقصد منها ليس إحباطك، ولكن ما أريد توضيحه لك هو إن لم تكن هناك فائدة كبير من البدء في أعمالك الخاصة، فلا يوجد داعي لعمل ذلك ، وتذكر انك ستكون المسئول الأول والأخير في إدارة شركتك برامجك الخاصة حيث انك ستضع لائحة القوانين والنظم وتستطيع أن تخرقها أيضاً ، يمكنك أن تحدد وقت زمني لدوامك ويمكنك التخلي عن دوامك لأيام أيضاً ، ولكن تذكر أن نجاح شركتك من نجاح أدارتك والعكس صحيح.
تعليقات
افضل شركه سوفت وير في مصر